نظم مركز الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية ندوة علمية عن بعد، بشراكة
مع مؤسسة هانس زايدل الألمانية، ومجلس جهة فاس –مكناس، تطرقت هذه الندوة الافتراضية
إلى موضوع التدبير المالي للجماعات الترابية في ظل جائحة كورونا، وذلك يوم 05ماي
2020على الساعة التاسعة والنصف مساء، وفقا لآلية الحوار المباشر عن بعد باستخدام منصات
التواصل الرقمي الحديثة، حيث تم نقلها مباشرة على صفحة المركز بالفايسبوك، وتدخل ضمن
سلسلة من الندوات التي نظمها المركز في ظل هذه الظروف الاستثنائية، بسبب جائحة كورونا.
وانعقدت الندوة بمشاركة نخبة من الأساتذة المتخصصين د. المحجوب الدربالي أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات
بالراشيدية، د. عبد الحفيظ اليونسي استاذ بكلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، ذ. محمد العزوزي باحث في الحكامة
والتنمية الترابية، د. خالد معروفي دكتور في القانون العام.
في البداية ثمن مسير اللقاء السيد أحمد حضراني رئيس المركز والأستاذ الجامعي
بكلية الحقوق بمكناس، مشاركة السادة الأساتذة في هذه الندوة،وشكر بالمناسبة كافة شركاء
المركز، وذكر بالسياق العام الذي يصادف تنظيم هذه الندوة، وبالخصوص ما يتعلق بموضوعها
الذي تناول مسألة التدبير المالي للجماعات الترابية في ظل جائحة كورونا، وأعطى في بداية
اللقاء الفرصة للسادة الأساتذة للتعبير عن انطباعاتهم حول هذا الوباء ،وقد عبر الجميع
على استثنائية هذه اللحظة و تأثيرها المباشر على كافة مناحي الحياة بكل ما تحمله من
سلبيات وايجابيات، تفرض على كل من الدولة والمواطن اخذ العبر والدروس.
وارتباطا بصلب موضوع اللقاء توجه الأستاذ أحمد حضراني بسؤال مباشر إلى كل مشارك
على حدا، كان أو لسؤال موجه إلى الأستاذ عبد الحفظ اليونسي، يتعلق بتعريفات مبسطة لبعض
المفاهيم ذات الصلة بمالية الجماعات الترابية (أنواع الجماعات الترابية، تعريف لميزانية
الجماعة وكذا أنواعها ،) أشار الأستاذ عبد الحفظ اليونسي بداية إلى السياق العام لحالة
الطوارئ، وأكد أن الدستور المغربي لم يتطرق إلى هذا المفهوم بخلاف لبعض الحالات الأخرى
المشابهة ( حالة الاستثناء الفصل 59 ،وحالة الحصار الفصل74) ،وبالتالي وجود فراغ دستوري
تم ملؤه اعتمادا على الفصل 81من الدستور، من خلال مرسوم قانون الصادر بتاريخ 23مارس
2020 ،الذي أعطى للحكومة والسلطات العمومية الحق في اتخاذ كافة التدابير الاستثنائية
بناء على مراسيم ودوريات ومناشير، بما يضمن استمرار المرافق العمومية. وخلص إلى أن
هذا الأمر مؤشر على اضمحلال البعد التداولي والتدبير الحر للجماعات، واتساع للبعد التنظيمي
.
وفيما يتعلق بالسؤال المطروح حاول الأستاذ
المتدخل التعريج على أنواع الجماعات الترابية الثلاث ( الجهات ومجالس العمالات والأقاليم
ثم الجماعات القاعدية)، واختصاصاتها من خلال القوانين التنظيمية المؤطرة، كما أشار
إلى تعريف الميزانية كوثيقة تتصف بأربع صفات (المشروعية، التداولية، التقريرية، التوقعية)،والتي
تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ،وبموجبها يتم الإذن بتحصيل المداخيل
وأداء النفقات ،مكوناتها هي الميزانية المحلية، الميزانيات الملحقة ثم الحسابات الخصوصية
.
وانتقل الأستاذ احمد حضراني مسير اللقاء إلى الحديث عن أهم موارد الميزانية
المحلية،ويتعلق الأمر بالجبايات المحلية، وأعطى الكلمة إلى كل من الأستاذ العزوزي و
الدربالي على التوالي للحديث عن هذا المورد الأساسي لميزانية الجماعات .
وفي بداية حديث الأستاذ محمد العزوزي
حاول تقديم تعريف مبسط للميزانية، قبل التطرق إلى الجبايات التي تدبرها الدولة لفائدة
الجماعات بناء على مقتضيات القانون 06-47 ،والمتمثلة في ثلاث جبايات ( الرسم المهني،
رسم السكن ثم رسم الخدمات الجماعية)، وأكد أن هذا التدبير اضطراري نظرا لعدم توفر الجماعات
على الإمكانيات للقيام بهذا الأمر دون تدخل الدولة، وفي نفس السياق أشار المتدخل إلى
حصة الجماعات من القيمة المضافة المحولة من طرف الدولة، وأكد على تأثير هذه الجائحة
على قيمة هذه الحصة نظرا لارتباطها بالنشاط الاقتصادي المتوقف في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
ودائما فيما يتعلق بالرسوم المحلية تدخل الأستاذ المحجوب الدربالي لرصد أهم
تلك الرسوم والأتاوى المنصوص عليها في القانون رقم 06.47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ؛ والقانون رقم
07.39بسن أحكام انتقالية فيما يتعلق ببعض الرسوم والحقوق والمساهمات،والأتاوى المستحقة
لفائدة الجماعات المحلية ،فإلى جانب الرسوم الثلاث المشار إليها أعلاه والتي تدبرها
الدولة لفائدة الجماعات هناك ثمانية رسوم تدبرها الجماعات بنفسها،منها (الرسم على الأراضي
الحضرية غير المبنية ،الرسم على عمليات البناء ،الرسم على عمليات تجزئة الأراضي)....،
وثلاثة رسوم مستحقة للجهات(الرسم على رخص الصيد الرسم على استغلال المناجم ،الرسم على
الخدمات المقدمة بالموانئ) .
وخلص الأستاذ المتدخل في هذا الصدد أن القانون رقم 06-47ادخل عدة إصلاحات على
الجبائية المحلية، ورغم ذلك فان جائحة كورونا تفرض إصلاح عميق في تدبير الرسوم المخصصة
للجماعات وتوسيع أوعيته الضمان موارد إضافية ذاتية، وبالتالي تحقيق نوع من الاستقلال
المالي .وفي ظل الظروف الاستثنائية يؤكد مسير اللقاء أنها ستؤثر لا محالة على موارد
الجماعات الترابية الجبائية؛ مما قد يدفع هذه الهيئات اللجوء إلى الاقتراض كمورد استثنائي،واقترح
على الدكتور خالد معروفي إعطاء فكرة مبسطة حول الموضوع.
وفي بداية تدخل الدكتور معروفي ارتأى التطرق إلى مدخل يتعلق بمسألة التدبير
المالي للجماعات الترابية في زمن كورونا، وأشار إلى نقطة مهمة تتلخص في عودة الدولة
المركزية بقوة، وبالتالي تساءل عن محل الجماعات الترابية من الإعراب، ودور هذه الهيئات
إلى جانب الدولة في إيجاد الحلول للإشكالات التي تفرزها الجائحة، والتنزيل الحقيقي
لمبدأ التفريع المنصوص عليه دستوريا، وعرج المتدخل على الموارد الذاتية للجماعات وعبر
عن تخوفه من خلال المؤشرات المالية، التي توضح تراجع حصة الضريبة على القيمة المضافة
وكذا رسم الخدمات الجماعية، وكذا موارد الاكرية للجماعات، وتساءل عن مغزى اللامركزية
في ظل جماعات تعتمد على أكثر من 90في المائة من مداخلها على الدولة، وهل يمكن تمويل
الجهوية كورش مهم يعول عليها برسم للصيد أو الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ، او
استغلال المناجم لعدم تواجدها في كل الجهات، وبالتالي ستضطر إلى اللجوء إلى الموارد
الاستثنائية لتمويل نفقاتها من خلال اللجوء إلى صندوق التجهيز الجماعي، وتساءل المتدخل
حول النفقات الإجبارية التي أشارت إليها دورية وزير الداخلية، ولم تدرج أداء ديون الجماعات،
واقترح أن يتخذ صندوق التجهيز الجماعي نفس الإجراءات التي اتخذتها باقي الأبناك بخصوص
الديون في ظل جائحة كورونا وأثارها على المشاريع الممولة من طرفه.
وفي إطارالجزء الثاني من الميزانية المحلية المتعلق الإنفاق اقترح الأستاذ أحمد
حضراني التطرق إلى الصفقات العمومية، مع الإشارة إلى النفقات الإجبارية عبر الصفقات
التفاوضية، والتي أثارت عدة نقاشات.
تناول الكلمة الدكتور عبد الحفيظ اليونسي،
وأكد على أن الصفقات العمومية كآلية من آليات الأساسية للنفقات العمومية للدولة والمؤسسات
العمومية والجماعات الترابية ،وأسهب
فيما أثارته دورية مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية بتاريخ 25 مارس
2020 من نقاشات، ومدى قانونية ما تضمنته،وبالخصوص ما يتعلق بمسألة السماح بتعديل ميزانية
الجماعات الترابية دون اللجوء للمجالس التداولية، وهذا الأمر يضرب في الصميم مبدأ التدبير
الحر، ويكرس الوصاية بكل تجلياتها، ونفس الأمر يتعلق بدورية تأجيل دورات مجالس الجماعات
الترابية، خاصة في ظل إمكانية استعمال الوسائل الحديثة للحفاظ على روح الديمقراطية
والشرعية التمثيلية.
وتفاعلا مع ما تطرق إليه الأستاذ اليونسي
بخصوص الدورية المشار إليها أعلاه، أكد الأستاذ العزوزي على مشروعية الدورية بناء على
مقتضيات المادة الثالثة من المرسوم بمثابة قانون لإعلان حالة الطوارئ الذي يخول للحكومة والسلطات العمومية
اتخاذ التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية،
أو بواسطة مناشير وبلاغات، وأكد أن الدورية تتحدث على تحويل الاعتماد وليس تعديل الميزانية،
وفي إطار تدخله أشار العزوزي لمسألة مصاحبة الدولة للجهة ومواكبتها لبلوغ حكامة جيدة
في تدبير شؤونها وممارسة الاختصاصات الموكولة لها،من خلال دعم قدراتها التدبيرية ووضع
آليات للتقييم الداخلي والخارجي المنتظم ...،وهو الأمر المنصوص عليه في القانون التنظيمي
111.14المتعلق بالجهات، وقد حاول الأستاذ المعروفي التطرق لمسالة المصاحبة من خلال
العلاقة بين الأمر بالصرف والمحاسب، حيث أكد على تعقد تلك العلاقة على مستوى الممارسة،
وبالتالي حان الوقت لإعادة النظر في جميع الوثائق المؤطرة، وفي مجال المواكبة أشار
المتدخل لجانب من هذه المواكبة وهي ما يتعلق بأنظمة التدبير العصرية واعتماد أنظمة
المعلومات(GID(و )GIR) الذي اظهر محدوديته،
والتي في نظره تكرس تبعية الجماعات الترابية للدولة،وتؤثر في استقلالية قرار مجالسها
التداولية.
وفي التدخل الأخير للأستاذ المحجوب الدربالي رجع للتفاعل مع موضوع دورية وزارة
الداخلية، وأثار مسألة إلزام وضع الإقرارات الضريبية في ظل جائحة كورونا، وأكد على
أن المادة السادسة من المرسوم بمثابة قانون التي تنص على إيقاف سريان مفعول جميع الآجال
المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، تحل مشكل الإقرارات
التي حل أجلها .
·
ومن التوصيات التي
يمكن تجميعها من خلال تدخل السادة الأساتذة يمكن الإشارة إلى ما يلي
·
تقوية وتأهيل المصالح
الجبائية، واعتماد الرقمنة بالإدارة الجبائية
·
تحفيز شيسعي المداخيل
وتعويضهم عن مخاطر القيام بمهامهم
·
التفكير في إحداث
وكالة خاصة بموارد الجماعات الترابية
·
إصلاح القانون
06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية لملائمته مع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية
·
ترشيد وعقلنة نفقات
الجماعات الترابية
·
تنمية الموارد
غير الجبائية ( الأكرية، الأملاك الجماعية...)
·
مراجعة شمولية
للمالية المحلية لأداء خدمات القرب
·
اعتماد الإدارة
الترابية الرقمية
·
الاعتماد على برمجة
ميزانية الجماعات الترابية بناء على أهداف محددة وبناء على أولويات
·
معالجة الباقي
استخلاصه
·
إشراك جمعيات المنتخبين
في وضع الرؤى الإستراتيجية لما بعد كورونا
·
الاعتماد على المبالغ
المحول منذ سنوات لتنفيذ المشاريع المبرمجة على مستوى الجماعات الترابية.
عبد الغني عماري:
باحث في القانون العام
التعبيراتالتعبيرات
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.