موضوع كامل حول : دور السجل التجاري في تشجيع الاستثمار

top

دور السجل التجاري في تشجيع الاستثمار

مقدمة

يعتبر تشجيع الاستثمار أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها الحكومات لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. ومن بين الأدوات التي تلعب دورًا محوريًا في جذب الاستثمارات، سواء المباشرة أو غير المباشرة، الوطنية أو الأجنبية، هو السجل التجاري. يهدف السجل التجاري إلى توفير مناخ استثماري ملائم من خلال تبسيط الإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بتأسيس الشركات، وتعزيز الشفافية في المعاملات التجارية. 


الإطار القانوني للسجل التجاري

شهدت العقود الأخيرة تطورًا تشريعيًا كبيرًا في المغرب، حيث تم اعتماد مجموعة من القوانين والإصلاحات الهادفة إلى تحسين مناخ الاستثمار. ومن بين هذه الإصلاحات، تم تحديث النظام القانوني للسجل التجاري لمواكبة المستجدات التشريعية. فقد صدرت مدونة التجارة، والتي تضمنت نصوصًا قانونية تنظم السجل التجاري، بالإضافة إلى مرسوم تطبيقي وقرار وزير العدل الذي حدد استمارات التصريح بالتسجيل في السجل التجاري.

كما تم إصدار قوانين أخرى تساهم في تحسين مناخ الاستثمار، مثل قانون الشركات التجارية، وقانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي، وقانون حرية الأسعار والمنافسة، وقوانين حماية الملكية الفكرية والأدبية والصناعية، وقانون التحكيم والوساطة الاتفاقية، ومدونة الشغل، وقانون المحاكم المالية. كل هذه القوانين تساهم في خلق بيئة قانونية ملائمة لجذب الاستثمارات.

 تبسيط إجراءات التسجيل في السجل التجاري

 إشكالية المساكنة

من بين الإجراءات التي تم تبسيطها لتشجيع الاستثمار هي إجراءات التسجيل في السجل التجاري. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الإشكاليات التي تواجهها المقاولات الناشئة، ومن أبرزها إشكالية المساكنة. المساكنة هي عقد يسمح للمقاولة باستخدام عنوان مؤقت حتى تتمكن من توفير مقر اجتماعي دائم. ومع غياب نص قانوني واضح ينظم هذا العقد، برزت العديد من الإشكاليات في التعامل معه بين المحاكم التجارية.

 أطراف عقد المساكنة

تتمثل الإشكالية الرئيسية في تحديد من يمكنه منح المساكنة ومن يمكنه الاستفادة منها. في حين أن هناك إجماع على أن الشخص المعنوي يمكنه منح المساكنة والاستفادة منها، فإن الأمر يختلف بالنسبة للأشخاص الطبيعيين. بعض المحاكم تقبل تسجيل التجار بناءً على شهادة مساكنة، بينما ترفض أخرى ذلك. وقد حاول مشروع قانون المساكنة توحيد هذه الممارسة من خلال النص على أن كل شخص طبيعي أو معنوي يمكنه الاستفادة من المساكنة، لكنه قصر منحها على الأشخاص المعنوية فقط.

 مدة المساكنة

جرى العمل في المحاكم التجارية على اعتبار مدة المساكنة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة. ومع ذلك، فإن هذه المدة تعتبر قصيرة بالنسبة للعديد من المقاولات الصغيرة التي تواجه صعوبات في توفير مقر دائم. وقد نص مشروع قانون المساكنة على أن مدة المساكنة لا يمكن أن تتجاوز سنتين، متأثرًا في ذلك بالقانون الفرنسي. ومع ذلك، لم يتطرق المشروع إلى الجزاءات المترتبة على عدم تغيير المقاولة لمقرها بعد انتهاء المدة.

 مضمون عقد المساكنة

من المشاكل التي تواجهها المساكنة في الميدان العملي هي عدم تفصيل شهادات المساكنة، مما يجعلها في كثير من الأحيان صورية ولا تفي بالغرض منها. وقد حاول مشروع قانون المساكنة معالجة هذه الإشكالية من خلال اشتراط أن يكون عقد المساكنة مكتوبًا ويحدد التزامات كل طرف. كما نص على ضرورة تأكيد مانح المساكنة من هوية المستفيدين وحفظ الوثائق المتعلقة بهم لمدة خمس سنوات على الأقل.

إشكالية الأنشطة التي تتطلب ترخيصًا

تتطلب بعض الأنشطة التجارية الحصول على ترخيص إداري لمزاولتها، مما يثير إشكاليات في عملية التسجيل في السجل التجاري. ففي بعض الحالات، تتطلب الإدارات المختصة التسجيل في السجل التجاري قبل منح الرخصة، بينما يتطلب القانون تقديم الرخصة عند التسجيل في السجل التجاري. هذا التناقض يؤدي إلى تعقيدات في عملية التسجيل، خاصة بالنسبة للمقاولات العاملة في المجال السياحي والنقل.

السجل التجاري وشفافية المعاملات التجارية

نوع المعلومات التي يوفرها السجل التجاري

يعتبر السجل التجاري أداة أساسية لتحقيق الشفافية في المعاملات التجارية. فهو يوفر معلومات عن التجار والشركات التجارية، بما في ذلك هوية التاجر أو الشركة، والنشاط التجاري، وهوية المسيرين في حالة الأشخاص المعنويين. كما يتطلب القانون تسجيل أي تغيير في هذه البيانات خلال شهر من حدوثه، مع فرض جزاءات في حالة التصريح ببيانات غير صحيحة.

كيفية الاطلاع على السجل التجاري

لضمان الشفافية، يجب أن تكون المعلومات المتاحة في السجل التجاري قابلة للوصول من قبل العموم. وقد نظم المشرع عملية الاطلاع على السجل التجاري من خلال تحديد نماذج النسخ والمستخرجات والشهادات التي يمكن تسليمها لكل شخص يعنيه الأمر. كما يمكن الاطلاع على الوثائق المتعلقة بالشركات المسجلة في السجل التجاري، بما في ذلك القوائم التركيبية التي تقدم معلومات عن الوضعية المالية للشركة.

الخاتمة

يعد السجل التجاري أداة أساسية في تشجيع الاستثمار من خلال تبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتعزيز الشفافية في المعاملات التجارية. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الإشكاليات التي تحتاج إلى معالجة، مثل إشكالية المساكنة والأنشطة التي تتطلب ترخيصًا. ولتحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال، يجب على السلطات المعنية مواصلة تحديث المنظومة القانونية وتحسين إجراءات التسجيل، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية وتسهيل الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالشركات المسجلة في السجل التجاري.



هذا أحدث تدوينة في المدونة


التعبيراتالتعبيرات

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.